الجمعة، 1 أكتوبر 2010

كشف حساب مختصر لمواطن أكثر اختصارا - علي عكـور

25 عاما ركلتها خلفي , أو هي ركلتني ..
كل الاحتمالات صحيحة .
يااااااااااااه , كيف يعدو العمر ؟ كيف يعدو كأرنب مطارد ؟
و ( كجلمود صخرٍ حطّه السيلُ من  عل )
و كيف ذابت السنون كأحلام البؤساء ؟
و كيف تلاشت كمعاشات المتقاعدين ؟
و أماني الكادحين ..
و ذنوب الصالحين
..
و كيف تاهت كالكلاب الضالة ؟
و جاعت كقطط الشوارع وليس
ثمة تونة !!
و كيف تبعثرت كأصدقائي الطيبين ؟؟
و كيف تشظت كأفراحي ؟
25
أنظر إليها خلفي و أجمع ما يكفي من اللعاب
لأبصق عليها .
لكنني لا أبصق , أدّخر لعابي للسنوات المقبلة
لاشك أنها أسوأ
و تحتاج لعابا كثيرا و مركزا .
إذن .. قبل 25 خرجت إلى الظلام
***
25   عأما , قضيت أغلبها على مقاعد التعليب / التعذيب
كلّ صباحٍ أحمل أسفارا لا أفهمها , و أعود بعد
جرعةٍ من الصياح لا أفهم كيف لا أفهمها
تم تعليمي / تعليبي على نحو رائع .
درست فاندرست
***
في مادة الوطنية كانت درجاتي متدنية
على الرغم من الصياح الذي أسكبه كل
صباح في الطابور
فهمتها و حفظتها بالسوط و الكرباج ( و في الاختبار كانت
إجاباتي صحيحة , فقط : أخطأت في اسمي و أصبت في اسمه و نجحت(
و في الرياضيات تعلمت أن الطريق المستقيم
أقصر الطرق , و آمنها أيضا ..
و أنه الطريق الوحيد الذي لا يؤدي إلى السجن
و أن الزوايا الحادة مؤلمة جدا !!
و أن 100 تساوي 1 و 1 لا يساوي شيئا
و في الإنشاء و الإملاء تعلمت ألا أكتب خارج السطر .
و أن الحرف حتف و خسف و نسف
و في الفقه تعلمت أن ما بلغ النصاب من البقر
فهو شعب !!
و ما بلغ النصاب من الظلم فهو حاكم
و ما بلغ النصاب من الوجع فهو مواطن
و ما بلغ النصاب من الألم فهو أنا !!
و أن ( الوطن ) يوجد في المعاجم و بلاد الأعاجم
و حين ضبطني معلم العربية , أبحث
عن مفردة ( وطن ) في المعجم , رمقني قائلا :
انتهت الحصة .
و تعلمت في اللغة أن ( الثروة و الثورة )
تتضادان , و أن من يملك الأولى لا يحتاج الثانية
و أن ( كَتَبَ و كَبَتَ ) مفردتان : الأولى إفراز للثانية
و أن ( سرق ) تأتي بمعنى ( وهب ) في
لغة بني كلاب !!
و في الحديث تعلمت
أن أكذب و أكذب و أكذب
و أتحرى الكذب
حتى يكتب عني ( صحفيًّا )
و في النحو تعلمت أن حروف ( النصب ) كثيرة
و أن حروف الجزم يعلوها الغبار
و أن المواطن مجرور و منصوب و حظه
مكسور , .. و الفاعل حقير مستتر
و تعلمت أن الضمائر تباع
كلها تباع .. فقط تتفاوت الأسعار
و في التوحيد تعلمت أن الحكام يموتون أيضا
و لو بعد حين .
و في التجويد تعلمت أن للحروف مخارج
و لكنها مغلقة !!
و في الرياضة تعلمت
أن الدرب طويلٌ طويل .. و ليس ثمة تكسي
و أن الأحذية أنواع كثيرة
أفخرها ماركة مواطن
و في الجغرافيا تعلمت أن الجهات ثلاث
شمالٌ و شرقٌ و غرب
و أن المناخ مناسبٌ
للصوص النبلاء ليقوموا بأعمالهم
الشريفة !!
و أن العالم العربي يصدّر الكلام
و يستورد الأفعال
و في الفرائض تعلمت أن
للبنت الَّنسْف
و للابن ما يريد
و زيادة
و أن الأوطان تورّث
كالأبقار و الحمير !!
و في القرآن تعلمت : ( إنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيد )
و في التفسير
تعلمت أن
( مواطن ) تعني : جسد مسجّى
على قارعة الذلّ
***
25 عاما ..
رأيتني أعصر خمرا و يسكر غيري !!
و أصنع خبزا و يشبع غيري !!
تخرّجت مواطنا صالحا للاستهلاك يقترف الأكل و النوم
و التفريخ باقتدار .
و يتعاطى بعض الأحلام ( في حدود ما يسمح به الليل )
أنجزت كثيرا من الأكل و النوم و قليلا من الحياة !!
...
***
25 الحمد لله أنهيت الربع / الرعب .. الأول
من حياتي بأقل الخسائر ..
أفترض أنني سأعيش مئة عام
من العزلة , لأن عمر الأشقياء
طويل !!!
25
خرجت منها
نصف إنسان بنصف أحلام ..
و بأوجاع كاملة
و أوهام فائضة
و أحلام مسلولة و مسلوبة
***
25
لو استدبرت من أمري / عمري ما استقبلت لفضلت
أن أموت بالحصبة أو الفالج
***
25 خرجت منها مواطنا / روبوتا بضمان مدى الحياة
لا يتعطل و يدار عن بعد بالريموت كنترول
و يعمل في سلك الذلّ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق